التعليم عن بعد من بين ما أفرزته التَّطوُّرات التكنولوجيَّة المُعاصرة، حيث يُمكن أن يُوجد المُتعلِّمون في أماكنَ بعيدةٍ عن بيئة التَّعليم بمفهومها التقليدي، والتي تتمثَّل في المُعَلِّمين، أو مكان التَّعلُّم، أو زُملاء الدِّراسة، ويُعرِّف آخرون التَّعليم عن بُعد بأنه تلقِّي البرامج التَّعليميَّة بوسائل تقنيَّة عن طريق البثِّ المُباشر، أو بطُرُق غير مُباشرة.
ما التطورات التاريخية التي مرت بالتعليم عن بعد ؟
- يخلط كثيرون بين مفهوم التَّعليم عن بعد والتَّعليم عبر الإنترنت، ويستخدم الغالبية المُصطلحين كمُترادفين، ومرجع ذلك هو أن شبكة الإنترنت هي الوسيلة الأولى للتعليم عن بُعد، غير أن ذلك لا يعني قصور التَّعليم عن بُعد على الإنترنت، بل إن هناك تصنيفات أخرى للتعليم عن بُعد بخلاف الإنترنت.
- تتمثَّل بداية التَّعليم في سبعينيات القرن الماضي؛ حيث قام عديد من الجامعات بالقارَّة الأوروبيَّة والولايات المتحدة الأمريكيَّة بتوفير خدمة التَّعليم عن طريق المُراسلة بالبريد، حيث يتم تقديم الموادِّ في صورة كُتُب وأشرطة سمعيَّة أو فيديوهات، ويقوم الطالب بمُراسلة الجامعات بالمُتطلَّبات الدِّراسيَّة بالوسيلة ذاتها، غير أن هذه الجامعات كانت تشترط اختبار الطلاب في نهاية الدِّراسة في المقرَّات الخاصَّة بها، وبناءً على ذلك يُمنح الطلاب الشهادات.
- في ثمانينيات القرن الماضي تطوَّرت وسائل التعليم عن بعد؛ حيث استُخدِمت القنوات التلفزيونيَّة وشبكات الأخبار في تقديم الموادِّ العلميَّة.
- في تسعينيات القرن الماضي ظهرت شبكة الإنترنت، وحملت معها كثيرًا من المُتَغيِّرات فيما يتعلَّق بالتعليم عن بعد، غير أن البرامج الحاسوبيَّة التي كانت تُستخدم في ذلك الحين كانت بسيطة، وتمثَّلت في التَّراسُل عن طريق البريد الإلكتروني الذي حلَّ محلَّ البريد الكلاسيكي.
- في نهاية تسعينيات القرن الماضي، وبداية القرن الحادي والعشرين أصبحت هناك منظومة مُتطوِّرة تتعلَّق بالتَّعليم عن بُعد؛ نظرًا لانتشار المواقع الإلكترونيَّة، وأصبح لكل جهة تعليميَّة موقعها الخاص بها، ووصل الأمر إلى ذروته بعد عام 2010م، وأصبح في الإمكان الحُصول على الشَّهادات العُليا؛ مثل: الماجستير، والدكتوراه، عن طريق التعليم عن بعد.
ما مزايا وعيوب التعليم عن بعد ؟
المزايا:
- يُساعد التعليم عن بعد في توفير الأماكن بالمقرَّات التَّعليميَّة، وذلك مُناسب للدُّوَل التي تُعاني من الانفجار السُّكَّاني.
- يُمكن عن طريق التعليم عن بعد تخطِّي السَّلبيَّات التي تنتج عن نقص الكوادر التَّدريسيَّة، وخاصَّةً في التَّخصُّصات الجامعيَّة النَّادرة.
- يُساعد التَّعليم عن بُعد في خفض الفُروق الفرديَّة بين المُتدرِّبين، ووصولهم للدَّرجة نفسها من الفهم.
- يُمكن من خلال التَّعليم عن بُعد التَّواصُل بين المُعَلِّمين والمُتلقِّين عبر الوسائل التِّقنيَّة على مدار ساعات اليوم.
- يُوفِّر التَّعليم عن بُعد جميع المُتطلَّبات التي يحتاج إليها الطَّالب من حيث المصادر التي تتمثَّل في الكُتُب الرَّقميَّة، أو الفيديوهات.
- يُساعد التَّعليم عن بُعد في توفير الوقت، وخاصَّةً بالنِّسبة لمن يعملون ويرغبون في استكمال الدِّراسات العُليا.
- يُناسب التعليم عن بعد بعض الفئات غير القادرة على التَّوجُّه إلى أماكن التَّعليم لظُروفٍ صحِّيَّةٍ، كما أنه يُساعد الفتيات اللاتي يعشن في مُجتمعاتٍ تفرض عليهنَّ العادات والتَّقاليد عدم التَّوجُّه لأماكن بعيدة.
العيوب:
- عدم تقبُّل بعض الفئات المُجتمعيَّة التي تعلَّمت عبر الطُّرُق التَّقليديَّة لمفهوم التعليم عن بعد.
- يتطلَّب التَّعليم عن بُعد مبالغَ ماليَّةً كبيرةً، وذلك قد يصعب على البعض من أصحاب الدُّخول الماديَّة المحدودة.
- تتطلَّب منظومة التعليم عن بعد توفير بنيةٍ تحتيَّةٍ من الشَّبكات، وكذلك تقنيَّات مُتطوِّرة.
- الاستغلال السيِّئ لبعض الفئات التي تتعلَّم عن بُعد وتطويعها للتِّكنولوجيا بشكلٍ سلبيٍّ.